سأحكي لكم حكاية موقف من المواقف حصلت معي في أحد الأيام.
في أحد أيام الشتاء الباردة اضطررت أن أخرج من المنزل في ساعة متأخرة من الليل ، لأسعف ابنة عمتي إلى المشفى ، بينما كنت أجالسها وهي على السرير شد انتباهي صوت امرأة عجوز تنادي ولم يتبين لي ما تقول
وظلت تنادي وتسكت وبعد 10 دقائق ترجع لتنادي اعتقدت انها تتألم ، وهذه حال المرضى ، وبعد فترة من الوقت شعرت بالجوع فحملت نفسي لأذهب وأحضر بعض الطعام ، أزحت الستارة وفاجأني المنظر ، إذا بتلك العجوز وحيدة لا يوجد أحد من حولها ، وتنادي الخدم أو كما نسميهم (( الفَرَّاشات )) لتأتي بالكرسي المتحرك وتأخذها إلى دورة المياه ، والغريب أن لا أحد من تلك الفراشات تقوم بعملها ، بل ردت احداهن على العجوز قائلة : حلي عنا وأسعفي نفسك وجدي من يساعدك ان وجدتي ، وتكلمها كأنها عدوتها لا عجوز مسكينة ولا مريضة يجب عليها خدمتها ، والأغرب أن لا أحد من الناس حولها حرك ساكنا ولا تلك الفتيات اللاتي يلازمن أمهن في السرير المجاور لم تكلفن على نفسهن سؤالها ، اقتربت من تلك من تلك العجوز ، وسلمت عليها وردت علي السلام ، وسألتها إن كانت بحاجة لأي مساعدة ، فقالت لي : أنا أحتاج أن أذهب إلى دورة المياه وأنا جوعا ، وسألت الفراشات والدكتور ولم يجبني أحد أرجوكي خذيني إلى دورة المياه فلم يعد باستطاعتي التحمل ، دمعت عيني لترجيها ، غضبت وتوجهت الى تلك الفراشة التي سمعتها تكلمها ، وقلت لها لمَ لمْ تستجيبي لطلبها وما هو عملك هنا هيا اذهبي واجلبي الكرسي المتحرك أبت وأعطتني ظهرها وذهبت ، فقررت أن أشتكي للمسؤول مع أنني لا أحب قطع رزق مرتزق يرتزق الله ، خرجت خارجا وعدت ومعي الكرسي المتحرك ولأني حينها كنت مصابة بيدي ولا أستطيع حمل العجوز ذهبت لأنادي عمتي لتساعدني وقامت هي بالباقي ، بينما أنا ذهبت لإحضار بعض الطعام لها ، جلست أنا وعمتي معها ، وبدأت المرأة العجوز تخبرنا حكايتها مع ابنها الذي يرميها عند باب المستشفى يتركها ويذهب إلى عمله الذي لا ينتهي منه إلا في اليوم الآخر وان انتهى من عمله لا يأتي ليقلها وإنما يتركها هناك ، سألته لمَ تتركني هنا فيرد عليها بقباحة لا أريدك أن تزعجي زوجتي !!!!!!؟؟؟؟؟؟ ، وتعتمد المرأة العجوز على الأطباء الذين يعطونها ثمن سيارة الأجرة لتعود بها إلى منزل ولدها ولكنه يعود ليرميها من جديد ، وان حاولت الاتصال به وهو في عمله يكلف على نفسه ويأتي ليقلها الى المنزل ، ولاكنه لم يكلف على نفسه أخذها ليرضيها أو لواجبه ولاكنه أتى ليأخذها للبيت يضربها ويعود بها الى المشفى من جديد ، وهذه حال المرأة العجوز ، حكت حكايتها وكان الجميع من حولها يستمع لها ، استمعوا إلى حكايتها ولم يسمعوا ندائها ، فكانت الحكاية أهم من الألم والمعاناة ، إلا امرأة عجوز أخرى دعت عليه لسوء معاملته ، فصرخت العجوز تقول لها : لا لا تدعي عليه بل ادعي له فهو ابني ولا اسمح لاح دان يدعي عليه ، بالرغم ما يفعل بها مازالت تحبه وتدعي له ، وحقيقة في نفسي لقد دعوت عليه ، وبعد كلامها غيرت كلامي ودعوت له بالهداية ، ولكن كيف لابن أن يفعل بأمه هكذا ، فهي سبب وجودة وحياته ، حملته تسع شهور في بطنها ، وتألمت ليخرج للدنيا تحملت صراخه وبكاءه ، سهرت الليل لمرضه ، أطعمته من طعامها ، قصرت على نفسها لتلبي له حاجته ، يكفي أنها حضنته بحنانها ، وفرحت بنجاحه بعد أن علمته ودرسته ، فعلت الكثير والكثير ، فكيف يفعل بها هذا.
وعندما أتت ساعة الخروج من المشفى اقتربت لأودها فقلت لها الوداع يا أمي ولتكوني بصحة وعافيه بكت وقالت إن ابني الوحيد لا يقول لي أمي بل يناديني ب ...... ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ودعتها وكان صعب علي حالها ، و لاكن ما العمل ، وعندما أخبرت أبي بالذي حصل ، عاتبني أني لم أخبره حينها فيمكن للقضاء أن يعاتب هذا الولد العاق على عمله ، ولاكن ما الفائدة أن يعاقبه القضاء دون أن يعلم بنفسه وقلبه الإحساس .
ليس علي القول إلا :
اللهم يا رب العباد يا خلق السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام اللهم نحن عبيدك نرجوك الرحمة والمغفرة وان نكون أبناء أبرار بآبائنا وأمهاتنا اللهم يا مستجيب الدعوات اللهم آمين.